للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان - عليه السلام - إذا قام إلى الصلاة سمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء (١)، وهذِه كانت سيرة الأنبياء والصالحين، كان خوف الله أشرب قلوبهم واستولى عليهم الوجل حتى كأنهم عاينوا الحساب، وعن يزيد الرقاشي قال: يا لهفاه، سبقني العابدون، وقطع بي نوح يبكي على خطيئته، ويزيد لا يبكي على خطيئته، إنما سمي نوحًا لطول ما ناح على نفسه من البكاء (٢).

وذكر ابن المبارك، عن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا العشب (٣)، وكان يبكي من خشية الله ما لو كان النار على عينيه لا تحرقه، ولقد كانت الدموع اتخذت في وجهه مجرى.

وقال ابن عباس مرفوعًا: "كان مما ناجى الله موسى أنه لم يتعبد العابدون بمثل البكاء من خيفتي، أما البكاءون من خيفتي فلهم الرفيق لا يشاركون فيه" (٤).

وعن وهيب بن الورد، أن زكريا قال ليحيى ابنه شيئًا، فقال له: يا أبتِ إن جبريل أخبرني أن بين الجنة والنار مغارة لا يقطعها إلا كل بكاء. وقال الحسن: أوحى الله إلى عيسى أن اكحل عينيك بالبكاء إذا رأيت البطالين يضحكون. وعن وهب بن منبه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يزل أخي داود باكيًا على خطيئته أيام حياته كلها، وكان


(١) رواه أبو داود (٩٠٤)، والنسائي ٣/ ١٣، وأحمد ٤/ ٢٥.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٨٣٩).
(٢) "حلية الأولياء" ٣/ ٥٠ - ٥١.
(٣) "الزهد" (٤٧٩).
(٤) رواه الطبراني ١٢/ ١٢٠ - ١٢١ (١٢٦٥٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٧/ ٣٤٥.
قال الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٢٠٣: فيه جويبر وهو ضعيف جدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>