للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المقصرين، وهم أكياس مجتهدون لا يدلون عليه بالأعمال، فهم مروعون خاشعون وجلون معترفون.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: وددت أني انقلبت روثة لا أنسب إلا إليها فيقال عبد الله بن روثة وإن الله قد غفر لي ذنبًا واحداً (١).

وقال الحسن البصري: يخرج من النار رجل بعد ألف عام، وليتني كنت ذلك الرجل، لقد شهدت أقوامًا كانوا أزهد فيما أحل لهم منكم فيما حرم عليكم ولهم كانوا أبصر بقلوبهم منكم بأبصاركم، ولهم كانوا أشفق أن لا تقبل حسناتهم منكم أن لا تؤخذوا بسيئاتكم. وقال حكيم من الحكماء: إذا أردت أن تعلم قدرك عند الله فاعلم قدر طاعة الله في قلبك. وقال ميمون بن مهران: ما فينا خير إلا نظرنا إلى أقوام ركبوا الجرائم وعففنا عنها وظننا أن فينا خيرًا وليس فينا خير.

فصل:

فإن قلت: كيف غفر لهذا الذي أوصى أهله بإحراقه، وقد جهل قدرة الله على إحيائه، وذلك أنه قال: "إن يقدر عليه يعذبه". وقال في رواية أخرى: "فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه"؟

قلت: اختلف الناس في تأويل هذا الحديث كما سلف، وعبارة الطبري: اختلف الناس في تأويله، فقال بعضهم: أما ما كان من عفو الله عما كان منه في أيام صحته من المعاصي فلندمه عليها وتوبته منها عند موته؛ ولذلك أمر ولده بإحراقه وتذريره في البر والبحر خشية من عقاب ربه، والندم توبة. ومعنى رواية من روى: " (فوالله) (٢) لئن قدر الله علي" أي: إن ضيق الله عليه؛ كقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٣٣/ ١٦٨ - ١٦٩.
(٢) من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>