[الطلاق: ٧] وقوله: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ}[الفجر: ١٦] لم يرد بذلك وصف بارئه بالعجز عن إعادته حيًّا، يوضحه قوله حين أحياه ربه تعالى فقال:"ما حملك على الذي صنعت" قال: "ما حملني إلا مخافتك".
وفي حديث أبي سعيد:"ما حملك على ما فعلت" قال: "مخافتك" أو "فرق منك" وبالخوف والتوبة نجا من عذابه تعالى.
وقال آخرون في معنى:"لئن قدر الله علي" القدرة التي هي خلاف العجز، وكان عنده أنه إذا أحرق في البر والبحر أعجز ربه عن إحيائه، قالوا: وإنما غفر له جهله بالقدرة؛ لأنه لم يكن تقدم من الله في ذلك الزمان فإنه لا يغفر الشرك به، وليس في العقل دليل على أن ذلك غير جائز في حكمة الله، بل الدليل فيه على أنه ذو الفضل والإحسان والعفو عن أهل الآثام، وإنما نقول: لا يجوز أن يغفر الشرك بعد قوله: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ٤٨] فأما جواز غفران الله ذلك لولا الخبر في كتابه فهو كان أولى بفضله والأشبه بإحسانه أنه لا يضره كفر كافر، ولا ينفعه إيمان مؤمن.
وقال آخرون: غفر له وإن كان كفرًا من قوله، من أجل أنه قاله على جهل منه بخطئه، وظن أن ذلك صواب، قالوا: وغير جائز في عدل الله وحكمته أن يسوي بين من أخطأ وهو يقصد الصواب، وبين من تعمد الخطأ والعناد للحق في العقاب.
وقال آخرون: إنما غفر له وإن كان كفرًا ممن قصد كفره وهو يعقل ما يقول؛ لأنه قاله وهو لا يعقل ما يقول، وغير جائز وصف من نطق بكلمة كفر وهو لا يعلمها كفرًا بالكفر، وهذا قاله وقد غلب على فهمه من الجزع الذي كان لحقه؛ لخوفه من عذاب الله وهذا نظير