للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلت: فقد جاء في الحديث: "يقبض أصابعه ويبسطها" (١). وهذِه صفة الجارحة.

فالجواب:

أن هذا مذهب المجسمة من اليهود والحشوية، تعالى الله عن ذَلِكَ، وإنما المعنى حكايته الصحابي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقبض أصابعه ويبسطها. وليس اليد في الصفات بمعنى الجارحة حَتَّى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع، فدل على أنه - عليه السلام - هو الذي يقبض أصابعه ويبسطها. وذكر الأصابع لم يوجد في شيء من الكتاب والسنة المقطوع بصحتها.

فإن قلت: قد ورد ذكر الإصبع في غير ما حديث كحديث الصحيحين، أنه - عليه السلام - أتاه رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، أبلغك أن الله تعالى يحمل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع؟ فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بدت نواجذه فنزل: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧] (٢).

وحديث الصحيحين من طريق عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفها حيث يشاء" ثم قال - عليه السلام -: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك" (٣) ومثله كثير.

فالجواب:

أما إطلاق الجارحة هنا، فمحال تقدس الله عن ذَلِكَ، وهو هنا


(١) رواه ابن حبان ١٦/ ٣١٦ (٧٣٢٤).
(٢) سلف برقم (٤٨١١)، ورواه مسلم (٢٧٨٥).
(٣) قلت: بل هو من أفراد مسلم، رواه برقم (٢٦٥٤)!

<<  <  ج: ص:  >  >>