وقال في موضع آخر: وقد تواتر مجيء اليد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالمفهوم من هذا الكلام أن لله تعالى يدين مختصتين به ذاتيتين له كما يليق بجلاله، وأنه سبحانه خلق آدم بيديه دون الملائكة وإبليس. "مجموع الفتاوى" ٦/ ٣٦٣. وقال -رحمه الله-: فقوله {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} لا يجوز أن يراد به القدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد. ولا يجوز أن يراد به النعمة؛ لأن نعم الله لا تحصى، فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية، ولا يجوز أن يكون لما خلقت أنا؛ لا أنهم إذا أرادوا ذلك أضافوا الفعل إلى اليد، فتكون إضافته إلى اليد إضافة له إلى الفعل. أما إذا أضاف الفعل إلى الفاعل، وعدى الفعل إلى اليد بحرف الباء، كقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فإنه نص في أنه فعل الفعل بيديه، ولهذا لا يجوز لمن تكلم أو مشى أن يقال: فعلت هذا بيديك، ويقال: هذا فعلته يداك؛ لأن مجرد قوله: فعلت كافٍ في الإضافة إلى الفاعل، فلو لم يرد أنه فعله باليد حقيقة كان ذلك زيادة محضة من غير فائدة، لا تجد في كلام العرب ولا العجم فصيحًا يقول: فعلت هذا بيدي، أو فلان فعل هذا بيديه، إلا ويكون فعله بيديه حقيقة، ولا يجوز أن يكون لا يد له، أو أن يكون له يد والفعل وقع بغيرها، وبهذا الفرق المحقق تتبين مواضع المجاز ومواضع الحقيقة، ويتبين أن الآيات لا تقبل المجاز البتة من جهة نفس اللغة. "مجموع الفتاوى" ٦/ ٣٦٥ - ٣٦٦.