وأما ما ورد من حشرهم حفاة عراة غرلاً ففي وقت النشور من القبور، ويحتمل أن يكون هذا معنى قوله:"راغبون وراهبون" في وقت حشرِهم إلى الجنة بعد الفراغ من الحساب، والأول أولى.
والصنف الثاني: الذين يعذبهم الله بذنوبهم ثم يخرجهم من النار إلى الجنة، وهؤلاء يكونون مشاة على أقدامهم، وقد يحتمل على هذا أن يمشوا وقتًا ويركبون ثم يركبون أو يكونوا ركبانًا، فإذا قاربوا المحشر نزلوا فمشوا ليتفق الحديثان.
والصنف الثالث: المشاة على وجوههم، وهم الكفار، وقد يحتمل أن يكونوا ثلاثة أصناف: صنف مسلمون، وهم ركبان، وصنفان من الكفار، أحدهما: الأعلام، فهؤلاء يحشرون على وجوهم، والآخرون: الأتباع فهم يمشون على أقدامهم، وإلى هذا ذهب الغزالي في "كشف علوم الآخرة" فإنه لما ذكر: قيل: يا رسول الله كيف يحشر الناس؟ قال:"اثنان على بعير، وخمسة على بعير، وعشرة على بعير".
قال: معناه -والله أعلم- أن قوماً يأتلفون في الإسلام برحمة الله يخلق لهم من أعمالهم بعيرًا يركبون عليه، وهذا من ضعف العمل لكونهم يشتركون فيه كقوم خرجوا من سفر بعيد، وليس مع أحد منهم ما يشتري مطية توصله فاشترك في ثمنها اثنان أو ثلاثة ابتاعوا مطية يتعقبون عليها في الطريق، ويبلغ بعير مع عشرة، فاعمل هداك الله عملاً يكون لك بعير خالص من الشركة، واعلم أن ذَلِكَ هو المتجر الرابح، والمضمون والله. كما قال تعالى:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}[مريم: ٨٥].
وفي "غريب الرواية" أنه - عليه السلام - قال يومًا لأصحابه:"كان رجل من بني إسرائيل كثيرًا ما يفعل الخير حَتَّى إنه ليحشر فيكم" قالوا: وما كان