للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} الآية [الصافات: ٢٢]، ومعنى: اهدوهم: دلوهم، ولا دلالة لأعمى أصم، ولا سؤال لأبكم، فيثبت بهذا أنهم يكونون بأبصار وأسماع وألسنة ناطقة.

والثالثة: ويكونون فيها أيضًا كاملي الحواس؛ ليسمعوا ما يقال لهم، ويقرءوا كتبهم الناطقة بأعمالهم، وتشهد عليهم جوارحهم بسيئاتهم ويسمعوها، وقد أخبر الله عنهم أنهم يقولون: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ} الآية [الكهف: ٤٩]، وأنهم يقولون لجلودهم: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} [فصلت: ٢١]، وليشاهدوا أحوال القيامة، وما كانوا مكذبين به في الدنيا من شدتها، وتصرف الأحوال بالناس فيها.

والرابعة: وهو السوق إلى جهنم؛ فإنهم يسلبون فيها أسماعهم وأبصارهم وألسنتهم؛ لقوله {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ على وُجُوهِهِمْ عُمْيًا} الآية [الإسراء: ٩٧]. ويحتمل أن يكون قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: ٤١] إشارة إلى ما يشعرون به من سلب الأبصار والأسماع والمنطق.

والخامسة: دار الإقامة في النار، وينقسم إلى بدء ومآل فتقدرها، إذا قطعوا المسافة التي بين موقف الحساب وشفير جهنم عميًا وبكمًا وصمًا؛ إذلالًا لهم وتمييزًا عن غيرهم؛ فترد الحواس إليهم ليشهدوا النار، وما أعد لهم فيها من العذاب، ويعاينون ملائكة العذاب، وكل ما كانوا به مكذبين، فيستقرون في النار ناطقين مبصرين سامعين، ولهذا قال تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ} الآية [الشورى: ٤٥]. وقال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [الأنعام: ٢٧]، وقال: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} الآية [الأعراف: ٣٨]، وقال: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} الآية [الملك: ٨]، وأخبر تعالى أنهم ينادون أهل الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>