للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيقولون: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ} [الأعراف: ٥٠] وإن أهل الجنة ينادونهم {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف: ٤٤]، وأنهم يقولون لخزنة جهنم: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٩]، فيقولون لهم: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: ٥٠].

وأما العقبى والمآل فإنهم إذا قالوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا} الآية [المؤمنون: ١٠٧]، فقال: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨] وكتب عليهم الخلود بالمثل الذي يضرب لهم، وهو أن يؤتى بكبش، ويسمى الموت، فيذبح على الصراط بين الجنة والنار، وينادى بالخلود (١)، سلبوا في ذَلِكَ الموقف أسماعهم، وقد يجوز أن يسلبوا الأبصار، ولكن سلب السمع يقين؛ لأن الله تعالى يقول: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} [الأنبياء: ١٠٠]، فإذا سلبوا الأسماع صاروا إلى الزفير والشهيق.

قال الضحاك فيما رواه ابن معبد في "الطاعة": فعند قوله: {اخْسَئُوا} يصيرون صمًّا لا يسمعون، وبكمًا لا ينطقون، وعميًا لا يبصرون، ويحتمل أن تكون الحكمة في سلب الأسماع من قبل؛ أنهم سمعوا نداء الرب على ألسنة رسله فلم يجيبوه، بل جحدوه، وكذبوا به بعد قيام الحجة عليهم بصحته، فلما كانت حجة الله عليهم في الدنيا الأسماع، عاقبهم على كفرهم في الأخرى بسلبه، يوضحه أنهم كانوا يقولون لرسول الله: {وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ} [فصلت: ٥]، وقالوا: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: ٢٦]، وأن قوم نوح كانوا


(١) رواه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>