وقاله أبو ذر، وأبو هريرة، وعمرو بن العاصي، والحسن البصري، وهو الصحيح لقوله: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥)} [التكوير: ٥] وقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام: ٣٨].
قال أبو هريرة: يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والطير والدواب وكل شيء، فيبلغ من عدل الله أن يؤخذ للشاة الجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابًا، ونحوه عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو، وفي بعض الأخبار: أن البهائم إذا صارت ترابًا يوم القيامة حول الله ذَلِكَ التراب في وجوه الكفار، فذلك قوله: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠)} [عبس: ٤٠] أي: غبار. وقالت طائفة: الحشر في قوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}[الأنعام: ٣٨]، للكفار، وأن ما تخلل من قوله:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأنعام: ٣٨] كلام معترض، وإقامة حجج، وأما الحديث فالمقصود منه: التمثيل على جهة تعظيم أمر الحساب والقصاص، وأنه لا محيص لمخلوق عنه، وعضدوا ذَلِكَ بما روي حين يقاد للشاة الجماء من القرناء، وللحجر لم ركب الحجر، والعود لم خدش العود، قالوا: فظهر من هذا أن المقصود التمثيل المفيد التهويل؛ لأن الجمادات لا تعقل خطابها، ولا عقابها ولا ثوابها، ولم يصر إليه أحد من العقلاء، ومتخيلة من جملة المعتوهين الأغبياء. وأجاب من قال: إنها تحشر وتبعث بأن قال: من الحكمة الإلهية أن لا يجري أمرًا من أمور الدنيا، والآخرة إلا على مشيئة مستوية، وحكمة موزونة، ومن قال هنا بما قالته طائفة من المتسمين بالعلم: أن الجامد لا يفقه، والحيوان غير الإنسان لا يعقل، وإنما هو مميز في الحيوان، ولسان حال في الجامد والنامي.