للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث جابر فيه، واحتج به فقهاء الأمصار على داود في إباحته بيع أمهات الأولاد؛ لأن الإحبال لو كان لا يمنع البيع لقال: وأي حاجة لكم إلى العزل، والبيع جائز ولو حملن؛ لأن الحبل يبطل الثمن- أي: في قولهم: (ونحب المال)، وإلا لم يكن يقرهم على هذا الاعتقاد وتكلف الحبلة له.

وقال لمن احتج لداود: لا دليل في ذَلِكَ؛ لأن ظاهره أنهم كانوا يريدون الفداء، فإذا حملن تعذر ذَلِكَ حَتَّى يلدن، وإلا صار أولاد المسلمين في أيدي الكفار، ولعل العرب الذي كان ذَلِكَ السبي منهم إذا حملت من مسلم لا يفتدونها، فإن فادى بها فيسير من المال؛ لأن الإحبال ينقصهن، فعلى هذا سألوا إن صح الحديث أن الإيلاد يمنع البيع. قال: وفيه فساد آخر، وهو أن وطء السبي والالتذاذ بهن يحرم حَتَّى يقسمن ويستبرئن بعد الملك، فكيف أرادوا وطأهن؟ ولعل القوم إنما أرادوا الالتذاذ بهن لشدة العزبة، وظنوا أن وطأها فيما دون الفرج مباح، إذا اجتنبوا موضع الولد، فأعلمهم الشارع أن الماء يسبق إلى الفرج، فيكون معه الولد مع العزل، ليس لهم تحريمه، وإذا احتمل ذَلِكَ لم يكن فيه دليل على منع بيعهن (١).

وفي قوله: (" (ليست") (٢) نسمة كائنة إلا وهي كائنة") يدل: أن الولد يكون مع العزل، ولهذا إذا ادعى العزل حرم النفي على الصحيح عندنا (٣).


(١) انظر: "التمهيد" ٣/ ١٣٦.
(٢) في (ص ٢): ما من.
(٣) انظر: "البيان" ١٠/ ٤٣١ - ٤٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>