للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لولا المخوف الذي هرب مثله، أو المطموع الذي حرص عليه حَتَّى طابت نفسه بما لم تكن تطيب قبل ذَلِكَ.

ونهيه - عليه السلام - عن النذر، وهو من أعمال الخير أبلغ زاجر عن توهم العبد أنه يدفع عن نفسه ضرًّا، أو يجلب إليه نفعًا، أو يختار له ما يشاء. ومتى اعتقد ذَلِكَ فقد جعل نفسه مشاركًا لله تعالى في خلقه، ومجوزًا عليه ما لم يقدره، تعالى عما يقولون، ودل هذا أن اعتقاد القلب لما لا يجب اعتقاده أعظم في الإثم من أن يكفر بالصدقة، والصلاة، والصوم، والحج، وسائر أعمال الجوارح التي لا ينذرها؛ لأن نهيه - عليه السلام - عن هذا النذر وإن كان خيرًا ظاهرًا يدل على أنه حابط من الفعل، حين توهم به الخروج عما قدره الله، فإن سلم من هذا الظن، واعترف أن نذره لا يرد عنه شيئًا قد قدره الله عليه، وأن القدر سبب له بما أخافه به استخراج صدقة هو شحيح بمثلها، فإنه مأجور بنذره، ولم يكن حينئذٍ نذره منهيًا عنه، ولذلك -والله أعلم- عرف الله نبيه بهذا الحديث ليعرف أمته، (بما) (١) يجب أن يعتقدوا في النذر، فلا يحبط عملهم به (٢).

فصل:

النذر ابتداءً جائز، والمنهي عنه المعلق، كأنه يقول: لا أفعل يا رب خيرًا حَتَّى تفعل بي خيرًا، فإذا دخل فيه فعليه الوفاء.

وقوله: ("لا يأتي") كذا في الأصول، وفي رواية أبي الحسن: يأت، بغير ياء، وكأنه كتبه على الوصل مثل قوله: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨)}


(١) في الأصل: لا، والمثبت من "شرح ابن بطال" وهو أليق بالسياق.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣٠٧ - ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>