للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها، ولا تأثيم، ولا كذب، ولا يخرج منها أهلها. هذا كله مما (جعله) (١) الله فيها بعد دخول أهلها فيها يوم القيامة، وقد أخبر تعالى أن آدم إن عصاه فيما نهاه عنه أخرجه منها، ولا تمتنع أن تكون دار الخلد في وقت لمن أراد تخليده فيها، وقد يخرج منها من قضى عليه بالفناء، وأجمع أهل التأويل على أن الملائكة يدخلون الجنة على أهلها، ويخرجوا منها، وأنها كانت بيد إبليس مفاتيحها، ثم انتزعت منه بعد المعصية، وقد دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء، ثم خرج منها، وأخبر بما رأى فيها، وأنها هي جنة الخلد حقًا. وقولهم: كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلد؟ فيعكس عليهم، ويقال لهم: كيف يجوز على آدم في كمال عقله أن يطلب شجرة الخلد في دار الفناء؟ هذا لا يجوز على من له أدنى مسكة من عقل.

وأما (قولهم) (٢): إن الجنة دار القدس، قد طهرها الله من الخطايا. فهو جهل منهم، وذلك أن الله تعالى أمر بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة وهي بالشام، وأجمع أهل العلم بالشرائع على أن الله تعالى قدسها، وقد شاهدوا فيها المعاصي، والكفر، والكذب، ولم يكن تقدسيها بما يمنع فيها المعاصي، فكذلك دار القدس، وأهل السنة مجمعون على أن جنة الخلد هي التي أهبط منها آدم، فلا معنى لقول من خالفهم (٣).


(١) في (ص ٢): حفظه.
(٢) من (ص ٢).
(٣) انظر: "شرح ابن بطال" ١٠/ ٣١٤ - ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>