عليه أفضل الصلاة والسلام، بقوله:"فحج آدم موسى عليهما الصلاة والسلام".
فصل:
قال غير الطبري: حديث أبي هريرة حجة لما يقوله أهل السنة - رضي الله عنهم -: التي أهبط الله فيها أبانا آدم هي جنة الخلد، ورد قول من زعم أنها لم تكن جنة خلد، قالوا: وإنما كانت جنة بأرض عدن، واحتجوا على بدعتهم، فقالوا: إن الله خلقها لا لغو فيها ولا تأثيم، وقد لغى فيها إبليس حين كذب لآدم، وأثم في الكذب، وإنه لا يسمع أهلها لغوًا ولا كذابًا، وإنه لا يخرج منها أهلها، وقد أخرج منها آدم وحواء بما وقع منهما. قالوا: وكيف يجوز على آدم -مع مكانه من الله وكمال (عقله)(١) - أن يطلب شجرة الخلد وهو في دار الخلود والملك الذي لا يبلى؟ وأيضًا فإن جنة الخلد دار القدس، قدست عن الخطايا والمعاصي كلها؛ تطهيرًا لها.
فيقال لهم: الدليل على إبطال قولكم: قول موسى لآدم: "أنت الذي أشقيت ذريتك وأخرجتهم من الجنة" فأدخل الألف واللام؛ ليدل على أنها الجنة المعروفة، وجنة الخلد الموعود بها، التي لا عوض منها في الدنيا، فلم ينكر ذلك آدم من قوله، ولو كانت غير جنة الخلد لرد آدم على موسى، وقال: إني أخرجتهم من دار فناء وشقاء وزوال وعري إلى مثلها. فلما سكت آدم على ما قرره موسى صح أن الدار التي أخرجهم منها بخلاف الدار التي أخرجوا إليها في جميع الأحوال، ويقال لهم فيما احتجوا به: إن الله خلق الجنة لا لغو