للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: "صل هنا". فأعاد عليه مرتين، كل ذلك يقوله له: "صل ها هنا" فأعاد عليه الثالثة فقال: "شأنك إذًا" (١).

وقال الشافعي: من نذر الصلاة بمكة، لم تجزئه المدينة ولا بيت المقدس، فإن نذر الصلاة بالمدينة، أو بيت المقدس أجزأه بمكة عنهما دون غيرها من البلدان إلا حيث نذر، وقال: فإن نذر سوى هذِه الثلاثة صلى حيث شاء، وإن قال: لله عليّ أن أنحر بمكة، لم يجزئه في غيرها، وكذلك إن نذر أن ينحر بغيرها لم يجزئه إلا في الموضع الذي نذر؛ لأنه شيء أوجبه على نفسه لمساكين ذلك البلد.

وقال الليث: من نذر صيامًا في موضع فعليه أن يصوم فيه، ومن نذر المشي إلى مسجد من المساجد مشى إليه. قال الطحاوي: لم يوافق الليث على إيجاب المشي إلى سائر المساجد أحد من الفقهاء (٢).

وروى مالك، عن عبد الله بن أبي حبيبة أنه قال: قلت لرجل وأنا حديث السن: ما على الرجل أن يقول: علىَّ مشي إلى بيت الله، ولم يقل: علي نذر مشي. فقال لي رجل: هل لك أن أعطيك هذا الجِرْو -لِجِرْو قِثَّاء في يده- وتقول: عليَّ المشي إلى بيت الله؟ قال: فقلت: نعم، ففعلت وأنا يومئذ حديث السن، ثم مكثتُ حتى عقلتُ، فقيل لي: إن عليك مشيًا، فجئت إلى سعيد بن المسيب، فسألته عن ذلك، فقال: عليك مشي. فمشيت. قال مالك: وهذا الأمر عندنا (٣).

قال ابن عبد البر: في هذِه المسألة ما ينكر، ويخالف مالكًا فيه أكثر أهل العلم؛ وذلك أنه نذر على مخاطرة، والعبادات إنما تصح بالنيات


(١) "سنن أبي داود" (٣٣٠٥).
(٢) "الاستذكار" ١٥/ ٢١ - ٢٢.
(٣) "الموطأ" ص ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>