للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قال المهلب: كانت العرب في الجاهلية تحلف بآبائها، وآلهتها،

فأراد الله أن ينسخ من قلوبها وألسنتها ذكر كل شيء سواه، ويبقي

ذكره تعالى؛ لأنه الحق المعبود، فالسنة اليمين بالله، كما رواه

أبو موسى، وغيره، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحلف بالمخلوقات في

حكم الحلف (بأبيه) (١) ما لا يجوز عند الفقهاء شيء من ذلك (٢).

وقال الطبري في حديث عمر - رضي الله عنه -: إن الأيمان لا تصلح بغير الله كائنًا

ما كان، وإن من قال: و [رب]، (٣) الكعبة، أو جبريل، أو آدم وحواء.

وقال: وعذاب الله، وثوابه أنه قد قال من القول هجرًا، وقدم على

ما نهى الشارع عنه، ولزمه الاستغفار من قوله ذلك دون الكفارة؛

لثبوت الحجة أنه لا كفارة على الحالف بذلك. وقال الشعبي:

الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم

إلا بالخالق، والذي نفسي بيده لأن أقسم بالله فأحنث أحب إليّ من

أن أقسم بغيره فأبر. وذكر ابن القصار مثله، عن ابن عمر، وقد

أسلفناه. وقال (مطرف) (٤): إنما أقسم الله بهذِه الأشياء ليعجب بها

المخلوقين، ويعرفهم قدرته فيها؛ لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على

خالقها. (وقد أجمع) (٥) العلماء: على أن من وجبت له يمين على

رجل في حق عليه، أنه لا يحلف له إلا بالله، فلو حلف له بغيره،

وقال: نويت رب ذلك، لم يكن عندهم يمينًا.


(١) كذا بالأصول، وفي "شرح ابن بطال": بالآباء.
(٢) انظر "شرح ابن بطال " ٦/ ٩٦ - ٩٧.
(٣) كذا بالأصل، ولعلها زائدة.
(٤) في الأصل: قطرب وفي هامشها: لعله مطرف، والمثبت من (ص ٢).
(٥) في الأصل: احتج. والمثبت من (ص ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>