للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرجه ابن أبي عاصم بإسناد جيد.

قال المهلب: قوله "فهو كما قال" يعني؛ هو كاذب في يمينه لا كافر؛ لأنه لا يخلو أن يعتقد الملة التي حلف بها، فلا كفارة له إلا الرجوع إلى الإسلام، أو يكون معتقدًا للإسلام بعد الحنث فهو كاذب فيما قاله، بمنزلة من حلف يمين الغموس لا كفارة عليه؛ إلا من حلف باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله ولم ينسبه إلى الكفر (١).

وقال ابن التين: قوله: "فهو كما قال" يريد إذا كان معتقدًا لها.

قال ابن المنذر: وفسر ابن المبارك الكفر في هذِه الأحاديث، المراد به: التغليظ، وليس الكفر، كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] أنه ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله (٢).

وكذلك قال عطاء: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم (٣)، وكما قال - عليه السلام - "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (٤) أي: كفر بما أمر به أن لا يقتل بعضهم بعضا.

قال غيره: والأمة مجمعة أن من حلف باللات والعزى، فلا كفارة عليه، فكذلك من حلف بما سوى الإسلام لا فرق بينهما.

ومعنى الحديث: النهي عن الحلف بما حلف من ذلك، والزجر


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٦/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" ٤/ ٥٩٦ (١٢٠٥٨).
(٣) السابق ٤/ ٥٩٦ (١٢٠٦١).
(٤) سلف برقم (٤٨)، كتاب الإيمان، باب: خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، ورواه مسلم برقم (٦٤) كتاب: الإيمان، باب: بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر".

<<  <  ج: ص:  >  >>