واحتج أصحاب مالك: أن قولك أشهد لا تفعلن كذا؛ ليس بصريح يمين؛ لأنه يحتمل أن يريد: أشهد عليك بشيء إن فعلت كذا، وقد يقول: أشهد بالكعبة، وبالنبي، فلا يكون يمينًا. وأنكر أبو عبيد أن يكون: أشهد يمينًا. وقال: الحالف غير الشاهد، قال: وهذا خارج من الكتاب والسنة، ومن كلام العرب.
قال الطحاوي: وقوله "يجيء قوم .. " إلى آخره، إنما أراد - عليه السلام - أنهم يكثرون الأيمان على كل شيء حتى تصير لهم عادة، فيحلف أحدهم حيث لا يراد منه اليمين، وقبل أن يستحلف. يدل على ذلك قول النخعي: وكانوا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة، وبالعهد، يعني أن نحلف بالشهادة بالله، وعلى عهد الله، كما قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}[البقرة: ٢٢٤]، والشهادة هنا: اليمين بالله.
قال الله تعالى:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ}[النور: ٦] أي: أربع أيمان بالله.
فصل:
القرن: كل طبقة مقترنين في وقت، ومنه قيل لأهل كل مدة أو طبقة بعث فيها نبي: قرن، قلت السنون أو كثرت.
وقوله: ("قرني"): يعني أصحابي "ثم الذين يلونهم" يعني: التابعين لهم بإحسان، "ثم الذين يلونهم": تابعي التابعين، واشتقاق قرن: من الاقتران، وقيل: القرن ثمانون سنة، أو أربعون، أو مائة.
وقال ابن الأعرابي: القرن: الوقت من الزمان. وقال غيره: قيل له قرن؛ لأنه يقرن أمة بأمة، عالمًا بعالم، وهو مصدر قرنت، جعل اسمًا للوقت، أو لأهله.