للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليحلها عنه، والنذر لا يحل عنه الشدة، فهو لا يغني شيئًا، والمقدور كائن، فيجعل الناذر هذا الفعل سلامة من الشدة المقدرة، ويكون ذلك النذر سهمًا استخرجه من البخيل للشدة التي عرضت له، فهذا تفسير "فيؤتي عليه ما لم يكن يؤتي -لو لم يقدر عليه الشدة- من قبل" وفيه رد على القدرية.

فصل:

حديث ابن عمر وأبي هريرة سلفا في كتاب القدر، واختلف عندنا في ابتداء النذر فقيل: إنه مستحب، وقيل: مكروه، وبه جزم الثوري، ونص الشافعي على أنه خلاف الأولى (١).

وحمل بعض المتأخرين النهي على نذر اللجاج، واستحب نذر التبرر، وقام الإجماع على وجوب الوفاء به إذا كان طاعة، وقد قال تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} فمدحهم بذلك، وقوله - عليه السلام -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (٢) وإنما اختلفوا في اليمين بالطاعة، كالصدقة بالمال والمشي إلى مكة، فذهب مالك إلى أن اليمين في ذلك كالنذور وأن كفارتها الوفاء بها، ورأى بعض العلماء أنها أيمان يكفرها ما يكفر اليمين، وليست في معنى النذر فيلزم الوفاء؛ لأن النذر قصد به التبرر والطاعة لله، وهذِه الأيمان إنما قصد بها إلى أشياء من أمور الدنيا كقولهم: مالي صدقة إن فعلت كذا، فافترقا لهذِه العلة.


(١) ورد في هامش الأصل: حاشية: قوله: ونص الشافعي على أنه خلاف الأولى. لم أره في كلام غيره، فليحرر.
(٢) سيأتي قريبًا برقم (٦٦٩٦)، باب: النذر في الطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>