هذِه الأحاديث شيء من معنى النذر فيما لا يملك، وقد سلف قبل هذا شيء منه، نعم، فيها من نذر معصية، وما ليس بطاعة وهو لا يملكها (إذ المعاصي غير مأذون في تعاطيها (١).
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال مالك: من نذر معصية كالزنا فلا شيء عليه ويستغفر؛ استدلالًا بقوله:"ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". لم يذكر كفارة، قال مالك: وكذلك إذا نذر ما ليس بطاعة ولا معصية كالأكل مثلًا فلا شيء عليه أيضًا؛ لأنه ليس في شيء من ذلك طاعة؛ استدلالًا بحديث أبي إسرائيل.
قال مالك: ولم أسمع أنه - عليه السلام - أمره بكفارة، وقد أمره أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما خالفه، وقول الشافعي كقول مالك، وقال أبو حنيفة والثوري: من نذر معصية كان عليه مع تركها كفارة يمين، واحتجوا بحديث عمران بن حصين، وأبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا نذر في معصية لله وكفارته كفارة يمين".
قال ابن بطال: وهذا حديث لا أصل له؛ لأن حديث أبي هريرة إنما يدور على سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث، وحديث عمران يدور على زهير بن محمد عن أبيه، وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه زهير، وزهير أيضًا عنده مناكير.
فصل:
وفي قوله - عليه السلام -: "من نذر أن يعصيه فلا يعصه" حجة لمن قال أن من نذر أن ينحر ابنه فلا كفارة عليه؛ لأنه لا معصية أعظم من إراقة دم مسلم بغير حق ولا معنى للاعتبار في ذلك بكفارة الظهار في قول المنكر من