للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن بطال: في الحديث جواز ذكر الله عَلَى الخلاء (١)؛ وليس كما ذكر إِذَا قلنا: إن المراد بالدخول إرادته. قَالَ: وهذا مما اختلف فيه الآثار، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أقبل من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد -عليه السلام- حتى تيمم بالجدار، واختلف في ذلك أيضًا العلماء، فروي عن ابن عباس أنه كره أن يذكر الله عند الخلاء، وهو قول عطاء ومجاهد والشعبي، وقال عكرمة: لا يذكر الله فيه بلسانه بل بقلبه. وأجاز ذَلِكَ جماعة من العلماء، روى ابن وهب أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يذكر الله في المرحاض.

وقال العرزمي: قُلْتُ للشعبي: أعطس وأنا في الخلاء، أحمد الله؟ قَالَ: لا، حتَّى تخرج. فأتيت النخعي فسألته عن ذَلِكَ فقال لي: احمد الله. فأخبرته بقول الشعبي، فقال النخعي: إن الحمد يصعد ولا يهبط. وهو قول ابن سيرين ومالك. قال ابن بطال: وهذا الحديث حجة لمن أجاز ذَلِكَ.

-قُلْتُ: قَدْ أسلفنا فيه نظرًا- قَالَ: وذكر البخاري في كتاب "خلق أفعال العباد"، عن عطاء: الخاتم فيه ذكر الله لا بأس أن يدخل به الإنسان الكنيف أو يلم بأهله وهو في يده لا بأس به (٢)، وهو قول الحسن. وذكر وكيع عن سعيد بن المسيب مثله.

قَالَ البخاري: وقال طاوس في المنطقة تكون عَلَى الرجل فيها الدراهم يقضي حاجته: لا بأس بذلك (٣). وقال إبراهيم: لا بد للناس من نفقاتهم.


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ١/ ٢٣٢.
(٢) "خلق أفعال العباد" ص ١٤٣ - ١٤٤ (٣٧٧).
(٣) "خلق أفعال العباد" ص ١٤٤ (٣٨٢).