بأمرين: أمر بالحنث والكفارة، فإذا أتى بهما جميعًا فقد أطاع، وفعل ما أمر به، كقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦] فأيهما قدم على الآخر فقد أتى بما عليه، وكذلك إذا أتى بالذي هو خير وكفر، فقد أتى بما عليه.
قال ابن القصار: وقد رأى جواز تقديمها على الحنث أربعة عشر صحابيًّا وهم: ابن مسعود، وعائشة، وابن عباس، وابن عمر، وأبو الدرداء، وأبو أيوب، وأبو موسى، وأبو مسعود، وحذيفة، وسلمان، ومسلمة بن مخلد، والزبير، ومعقل، ورجل لم يذكره، وبعدهم من التابعين: سعيد بن المسيب، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، والحسن، وابن سيرين، وعلقمة، والنخعي، والحكم بن عتيبة، ومكحول، فهؤلاء الأعلام أئمة الأمصار، ولا نعلم لهم مخالفًا إلا أبا حنيفة على أنه يقول ما هو أعظم من تقديمها، وذلك لو أن رجلاً أخرج عشرًا من الظباء من الحرم، فولدت له أولادًا ثم ماتت في يده هي وأولاها أن عليه الجزاء عنها وعن أولادها، وإن كان حين أخرجها أدى جزاءها ثم ولدت أولادًا ثم ماتت لم يكن عليه فيها ولا في أولادها شيء، ولا شك أن الجزاء الذي أخرجه عنها وعن أولادها كان قبل أن تموت هي وأولادها، ومن قال هذا لم ينبغِ له أن ينكر تقديمها قبل الحنث.
وأما تقدير الآية: فحنثتم، فتقديرها عندنا: ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وأردتم الحنث.
وأما قول الشافعي: لا يجوز تقديم الصيام على الحنث. فيرد عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - "فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير" ولم يخص شيئًا من