للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجمع العلماء أن حكم الجد حكم الأب في غير موضع؛ من ذلك إجماعهم أن الجد يحجب الإخوة من الأم كالأب؛ فالقياس أن يحجب الإخوة الأشقاء أيضًا، وأجمعوا أن الجد يضرب مع أصحاب الفرائض بالسدس، كما يضرب الأب، وإن عالت الفريضة وللأب مع ابن الابن السدس، وكذلك الجد له معه مثل ما للأب، وقال تعالى {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] ومن المحال أن يكون له ولد ولا يكون له والد، قال: واحتجوا بحديث الباب: "فهو لأولى رجل ذكر"؛ لأن رجلاً لو مات وترك بنتًا أو بنتين وجدًّا وإخوة فألحقنا البنت أو البنتين بفرائضهن، وكان ما بقي للجد، وهو أولى ذكر بقي.

واحتج من ورث الأخ مع الجد بهذا الحديث أيضًا، فقال: الأخ أولى؛ لأنه أقرب إلى الميت بدليل أنه ينفرد بالولاء (لقوته) (١)، وأيضًا فإن الأخ يقول: أنا أقوى من الجد؛ لأني أقوم مقام الولد في حجب الأم من الثلث إلى السدس، وليس كذلك الجد، فوجب أن لا يحجبني كما لا يحجب الولد، والجد إنما يدلي بالميت وهو أبو أبيه، والأخ يدلي بالميت وهو ابن أبيه، والابن من جهة المواريث أقوى من الأب؛ لأن الابن ينفرد بالمال ويرده إلى السدس، والأب لا يفعل ذلك بالابن، فكان من أدلى بالأقوى أقوى ممن أدلى بالأضعف (٢)، وحاصله أن تعصيبه تعصيب بنوة، وتعصيب الجد تعصيب أُبُوَّة.


(١) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" لقربه.
(٢) انتهى من "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٥٢ - ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>