(٢) قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله في "مختصر سنن أبي داود" ١/ ٢٢ - ٢٣ بعد قول الحافظ زكي الدين: (وقال الترمذي: حديث غريب): وقال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: حديث صحيح. وقد أعل ابن حزم حديث جابر بأنه عن أبان بن صالح، وهو مجهول، ولا يحتج برواية مجهول. قال ابن مفوز: أبان بن صالح مشهور ثقة صاحب حديث. وهو أبان بن صالح بن عمير، أبو محمد القرشي، مولى لهم، المكي، روى عنه ابن جريج، وابن عجلان، وابن إسحاق، وعبيد الله بن أبي جعفر، استشهد بروايته البخاري في "صحيحه" عن مجاهد والحسن بن مسلم وعطاء، وثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والنسائي. وأما الحديث فإنه أنفرد به محمد بن إسحاق، وليس هو ممن يحتج به في الأحكام، فكيف أن يعارض بحديثه الأحاديث الصحاح، أو ينسخ به السنن الثابتة مع أن التأويل في حديثه ممكن، والمخرج منه معرض. تم كلامه. وهو -لو صح- حكاية فعل لا عموم لها، ولا يعلم هل كان في فضاء أو بنيان؟ وهل كان لعذر: من ضيق مكان ونحوه، أو اختيارًا؟ فكيف يقدم على النصوص الصحيحة الصريحة بالمنع؟ فإن قيل: فهب أن هذا الحديث معلول، فما يقولون في حديث عراك عن عائشة: ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أو قد فعلوها؟ استقبلوا بمقعدتي القبلة؟ ". فالجواب: أن هذا حديث لا يصح، وإنما هو موقوف على عائشة. حكاه الترمذي في كتاب: "العلل" عن البخاري. وقال بعض الحفاظ: هذا حديث لا يصح، وله علة لا يدركها إلا المعتنون بالصناعة، المعانون عليها. وذلك أن خالد بن أبي الصلت لم يحفظ متنه، ولا أقام إسناده. خالفه فيه الثقة الثبت صاحب عراك بن مالك المختص به، الضابط لحديثه: جعفر بن ربيعة الفقيه، فرواه عن عراك عن عروة عن عائشة، أنها كانت تنكر ذلك. فبين أن الحديث لعراك عن عروة، ولم =