للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوجه الرابع: في أحكامه:

وهو دال عَلَى المنع من استقبال القبلة واستدبارها.

وحاصل ما للعلماء في ذَلِكَ أربعة مذاهب:

أحدها: المنع المطلق في البنيان والصحراء، وهو قول أبي أيوب الأنصاري راوي الحديث وجماعة منهم: أحمد في رواية، وحكاه ابن التين في "شرحه" عن أبي حنيفة، وهؤلاء حملوا النهي عَلَى العموم، وجعلوا العلة فيه التعظيم والاحترام للقبلة، فإن موضعها الصلاة والدعاء ونحوهما من أمور البر والخير، وهو معنى مناسب ورد النهي عَلَى وفقه فيكون علة له (١).

وقد روي: في حديث ضعيف التعليل به، فلا فرق فيه بين البنيان والصحراء، ولو كان الحائل كافيًا في جوازه في البنيان لكان في الصحراء من الجبال والأودية ما هو أكفي، وورد من قول الشعبي أنه علل ذَلِكَ بأن لله خلقًا من عباده يصلون في الصحراء فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم وينبني عَلَى العلتين ما إِذَا كان بالصحراء وتستَّر بشيء.

المذهب الثاني: أنهما جائزان مطلقًا، وهو قول عروة بن الزبير، وربيعة الرأي، وداود (٢). ورأى هؤلاء أن حديث أبي أيوب منسوخ، وزعموا أن ناسخه حديث مجاهد، عن جابر. نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة أو نستدبرها ببول، ثمَّ رأيته قبل أن يقبض بعام


(١) انظر: "الهداية" ١/ ٧٠، "عيون المجالس" ١/ ١٢٥، "المغني" ١/ ٢٢٠ - ٢٢١.
(٢) انظر: "المحلى" ١/ ١٩٤، "عيون المجالس" ١/ ١٢٦.