يعني: زوجها، كذا أنشده أبو علي الفارسي، فإذا كان الفراش الزوج، فإنه يقتضي وجوده لا إمكان الوطء، وحجة الجمهور أن الفراش وإن كان يقع على الزوج فإنه يقع على الزوجة أيضًا؛ لأن كل واحد منهما فراشًا لصاحبه.
حكى ابن الأعرابي: أن الفراش عند العرب يعبر به عن الزوج وعن المرأة، وهي الفراش المعروف فمن ادعى أن المراد الرجل دون المرأة فعليه البيان، والفراش هنا إنما هو كناية عن حالة الافتراش، والمرأة شبيهة بالفراش؛ لأنها تُفترش فكأنه - عليه السلام - أعلمنا أن الولد بهذِه الحالة التي فيها الافتراش، فمتى لم يمكن حصول هذِه الحالة لم يلحق الولد.
فمعنى قوله:"الولد للفراش" أي: لصاحب الفراش، كما جاء في حديث أبي هريرة في الباب، وما ذهب إليه أبو حنيفة خلاف ما أجرى الله العادة به من أن الولد إنما يكون من ماء الرجل وماء المرأة كما أجرى الله العادة أن المرأة لا تحمل وتضع في أقل من ستة أشهر، فمتى وضعت أقل منها لم تلحق؛ لأنها وضعته لمدة لا يمكن أن يكون فيها.
وأما الأمة عند مالك والشافعي فإنها تصير فراشًا لسيدها بوطئه لها، أو بإقراره أنه وطئها؛ وكهذا حكم عمر بن الخطاب، وهو قول ابن عمر، فمتى أتت بولد لستة أشهر من يوم وطئها ثبت نسبه منه، وصارت به أم ولد له، وله أن ينفيه إذا ادعى الاستبراء، ولا يكون فراشًا بنفس الملك دون الوطء عند مالك والشافعي (١).