فيقال لهم: أجمع الصحابة على حد شارب الخمر، ثم نصوا على المعنى الذي من أجله أجمعوا، وهو قول علي وعبد الرحمن إذا شرب سكر. إلى آخره، ففيه دليل على أخذ الحدود قياسًا، وعلى أصل للقياس انعقد الإجماع عليه، وفي قياسهم حد الخمر على حد الفرية حجة لمالك في قطع الذرائع، ومن قال بقوله وجعلها أصلاً وتحصينًا لحدود الله أن تنتهك؛ لأن عليًّا لما قال لعمر: إذا شرب سكر. إلى اخره. وتابعه الصحابة على ذلك ولم يخالف فيه، فكان ذلك حجة واضحة لذلك؛ لا أنه قد يجوز أن يشربها من لا يبلغ بها إلى الهذي والفرية، ولما كان ذلك غير معلوم لاختلاف الناس في التقليل من شربها والتكثير، وفي غلبة سورتها لبعضهم وتقصيرها عن بعض، وكان الحد لازمًا لكل شارب، اتضح القول لذلك فيما يخاف الإقدام فيه على المحرمات، وهو أصل من أصول الدين بما أجمع عليه الصحابة.
فصل:
وفي قوله:(ما كنت لأقيم الحد على أحد فيموت فأجد منه في نفسي). حجة لابن الماجشون ومن وافقه أن الحاكم لا قود عليه إذا أخطأ في اجتهاده، ويؤيد هذا أن أسامة قتل رجلاً قال: لا إله إلا الله، ثم أتى الشارع فأخبره بذلك، فلم يزد على أن وبخه ولم يأمره بالدية، ولم يأخذها منه لاجتهاده وتأويله في قتله، وسيأتي اختلاف العلماء في المسألة في كتاب: الأحكام في باب: إذا قضى القاضي بجور خالف فيه أهل العلم فهو مردود.