للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُلْتُ: قد حكى ابن أبي الدم (١) الشافعي وجهًا أن النهي للتحريم، فأين الإجماع؟

وقال ابن بطال: لم يقل بحديث معقل السالف أحد من الفقهاء إلا النخعي وابن سيرين ومجاهد، فإنهم كرهوا استقبال القبلتين واستدبارهما ببول أو غائط، وهؤلاء غاب عنهم حديث ابن عمر، وهو يدل عَلَى أن النهي إنما أريد به الصحراء لا البيوت، وقال أحمد: حديث ابن عمر ناسخ للنهي عن استقبال بيت المقدس واستدباره بغائط وبول، والدليل عَلَى هذا ما روى مروان الأصفر عن ابن عمر أنه أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس، ثمَّ جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن هذا؟ قَالَ: إنما نهي عن هذا في الفضاء، وأما إِذَا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس (٢).


(١) هو العلامة شهاب الدين إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن أبي الدم الحموي الشافعي. حدث بمصر ودمشق وحماة "بجزء الغطريف". وولي القضاء بحماة وترسل عن ملكها وصنف "أدب القضاة" و"مشكل الوسيط" وجمع تاريخًا وألف في الفرق الإسلامية، وغير ذلك، وله نظم جيد وفضائل وشهرة. توفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وله ستون سنة.
انظر ترجمته في: "سير أعلام النبلاء" ٢٣/ ١٢٥ - ١٢٦ (٩٦)، "الوافي بالوفيات" ٦/ ٣٣ - ٣٤ (٢٤٦٥)، "طبقات الشافعية" للسبكي ٥/ ٤٧، "طبقات الشافعية" للإسنوي ١/ ٥٤٦ - ٥٤٧ (٥٠٤)، "شذرات الذهب" ٥/ ٢١٣.
(٢) حديث ابن عمر رواه أبو داود (١١)، وابن خزيمة ١/ ٣٥ (٦٠)، والحاكم ١/ ١٥٤، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسن بن ذكوان ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (٨): إسناده حسن. انظر: "شرح ابن بطال" ١/ ٢٣٧.