للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيمن مات منه دية، وإنما أرادوا -والله أعلم- عندنا إذا مات في الأربعين الزائدة.

وقوله: (إنه لم يسنه)، يعني: لم يسن فوق الأربعين أو لم يسن ضربه بالسياط، وقد سنه بالجريد والنعال وأطراف الثياب، ونحن هكذا نقول، لا نخالف منه شيئًا -بتوفيق الله- والذي يحتج به في إبطال حديث حضين لا نقول به، ولا يرى فيمن مات دية، وهذا دأبه فيما لا يقول به من الأحاديث الصحيحة يجتهد بإبطاله بحديث آخر، فإذا نظرنا في ذلك الحديث الآخر وجدناه لا يقول به أيضًا، فكيف يحتج به في إبطال غيره؟ فإن قال: روي عن علي أنه جلد الوليد بسوط له طرفان أربعين، فيكون ذلك ثمانين، قلنا: هذِه الرواية منقطعة؛ لأن راويها علي عن جعفر بن محمد، عن أبيه (١)، وقد روينا في الحديث الثابت أنه أمر به فجلد أربعين جلدة (٢)، وهذا أشبه أن لا يخالفه أن يكون جلده بكل طرف عشرين، فيكون الجميع أربعين، وهذا هو المراد فيما روى شعبة عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - أتي برجل شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو الأربعين (٣)، أي صار العدد أربعين، وذلك بين في رواية همام عن قتادة، ولا خلاف بينه وبين ما أشار به عبد الرحمن بن عوف على (علي) (٤)، ولو كان المراد بالأول ثمانين لم يكن بينهما مخالفة، وكذلك علي لما جلد الوليد بهذا السوط إن كان ثابتًا أربعين، فقد قال في الحديث الثابت: جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) رواه عبد الرزاق في "مصنفه" ٧/ ٣٧٨ - ٣٧٩.
(٢) رواه مسلم (١٧٠٧/ ٣٨).
(٣) رواه مسلم (١٧٠٦/ ٣٥).
(٤) في (ص ٢) عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>