وفي رواية: أنه - عليه السلام - لم يسن فيها شيئًا، وبأن عمر وعليًّا جلدا ثمانين، وأنهم أجمعوا على الثمانين، فصار الحد مؤقتًا بها في الخمر، وقيل: ذلك لم يكن مؤقتًا وهذا الذي ذكر من إنكار الحديث وفساده غير مقبول منه، فصحة الحديث إنما تعرف بفقه رجاله ومعرفتهم بما يوجب قبول خبرهم، وقد عرفهم حفاظ الحديث وقبلوا حديثهم، كيف وقد ثبت عن عثمان وعلي في هذِه القصة من وجه لا أشك في صحته جلد أربعين، ولئن كانت العمل بالثمانين حدًّا معلومًا بتوقيت الصحابة في أيام عمر، فلم يصر الأربعون حدًّا معلوما بتوقيت الصحابة في أيام أبي بكر، وتحريمهم في ذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه بين يديه، بل هذا أولى أن يكون حدًّا مؤقتًا بتوقيتهم، فلم يعدل عنه أبو بكر حياته.
وقد روينا عن عمر - رضي الله عنه - أنه بعد توقيتهم كان إذا أتي بالضعيف ضربه أربعين، وجلد عثمان ثمانين، وجلد أربعين، وكل هذا يدل على أن الحد المؤقت في الخمر أربعون، وأنهم لم يوقتوه بالثمانين حدًّا، وأن الزيادة التي زادوها إنما هي على وجه التعزير، وقد أشار علي إلى علة التعزير فيما أشار به إلى عمر.
قلت: وقول ابن القصار أن قوله سنة محمول على الرفع يبعده ذلك، وإنما المراد هنا ما سنه عمر - رضي الله عنه -.
وفي قول علي فيمن مات في حد الخمر: وديناه، دليل بين على أنهم لم يجتمعوا على الثمانين حدًّا، إذ لو كانوا وقتوه بها لم تجب