للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيجب عليه الانتقام لنفسه؛ كفعله في ابن خطل يوم الفتح، حين تعوذ بالكعبة من القتل، فأمر بقتله دون سائر الكفار؛ لأنه كان يكثر من سبه، وقد أمر بقتل القينتين اللتين كانتا تغنيان بسبه وانتقم لنفسه؛ لأنه من سبه فقد كفر ومن كفر فقد آذى الله ورسوله؛ ولذلك قال: "من لكعب بن الأشرف فقد آذى الله ورسوله" (١) فانتقم منه كذلك.

قال المهلب: ولا يحل لأحد من الأئمة ترك حرمات الله أن تنتهك، وعليهم تغيير ذلك.

وقد روي عن مالك في الرجل يؤذى وتنتهك حرمته، ثم يأتيه الظالم المنتهك لحرمته، قال: لا أرى أن يغفر له، ووجه ذلك إذا كان معروفًا بانتهاك حرم المسلمين، فلا يجب أن يجري على هذا ويرد بالإغلاظ عليه والقمع له من ظلم أحد (٢).

وروي عن مالك أنه قال: كان القاسم بن محمد يحلل من ظلمه يكره لنفسه الخصوم، وكان ابن المسيب لا يحلل أحدًا، وسئل عن ذلك فقيل له: أرأيت الرجل يموت ولك عليه دين لا وفاء له به، (قال) (٣): الأفضل عندي أن أحلل.

وفي رواية أخرى: كان بعض الناس يحلل من ظلمه ويتأول: "الحسنة بعشر أمثالها" (٤) وما هذا بالدين عندي، وإن من لم يعفه لمستوف حقه.


(١) سلف برقم (٢٥١٠) كتاب: الرهن، باب: رهن السلاح.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٤٠٥ - ٤٠٧.
(٣) من (ص ٢).
(٤) قطعة من حديث سلف برقم (١٩٧٦)، كتاب: الصوم باب: صوم الدهر، ورواه مسلم (١١٥٩)، كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>