للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي: وهو أشبه بظاهر الحديث، وأجاز أكثر أهل العلم الشفاعة في الحدود قبل وصولها إلى (الإمام) (١)، روي ذلك عن الزبير بن العوام، وابن عباس، وعمار، ومن التابعين سعيد بن جبير والزهري، وهو قول الأوزاعي، قالوا: وليس على الإمام التجسس على ما لم يبلغه، وكره ذلك طائفة فقال ابن عمر - رضي الله عنهما -: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في حكمه.

وفرق مالك بين من لم يعرف منه أذى للناس، فقال: لا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عرف بشر وفساد في الأرض فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يقام عليه الحد (٢).

والذي في "المدونة": أن هذا في التعزير والنكال إذا كان من أهل المروءة والعفاف، وإذا طلبوه تجافى السلطان عن عقوبته، وإن كان عرف بالبطش والأذى ضربه النكال بخلاف الحدود (٣).

قال الشيخ أبو إسحاق: إذا كان ذلك في حق من حقوق الله، وأما حقوق الآدميين فلا تسقط إلا برضا صاحبها، ولكن في "المدونة": وقد تكون منه الزلة وهو معروف بالصلاح والفضل، وأن الإمام ينظر فإن كان شيخاً فاحشًا أدبه قدر ما يؤدب مثله في فعله، وإن كان خفيفًا فيتجافى السلطان عن الزلة التي تكون من ذوي المروءات (٤). وهذا رد على الشيخ أبي إسحاق.


(١) في الأصل: الأمير.
(٢) انظر: "الإشراف" ٢/ ٣١٦.
(٣) "المدونة" ٤/ ٣٨٧.
(٤) "المدونة" ٤/ ٣٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>