للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا بإجماع لا تنازع فيه، أو بسنة لا مدفع لها، أو يكون التدافع في الآيتين غير ممكن فيهما استعمالهما، ولا استعمال أحدهما إلا بدفع الأخرى، فيعلم أنها ناسخة لها (١).

وكذا قال ابن القصار: لو صح عندي النقل بذلك عن ابن عباس لقلت بالنسخ في الآية، ولكن لا أعلم فيه نقلاً يعتمد، وإنما هو نسخ بالتأويل، كذا قال، وسندها عند ابن عبد البر غير صحيح.

وقال النحاس: الرواية عنه في هذا مستقيمة (٢). ولا فرق عندي بين قوله في الآية التي زعموا أنها منسوخة: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}، وبين قوله في الآية الناسخة {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} [المائدة: ٤٩]، والتخيير المتقدم قبل الآية الأولى نازل على هذِه، وهذِه الآية الثانية أيضًا على حكم التخيير الأول، وهذا مبني على أجل، وذلك أن من صالحنا من أهل الذمة لا يخلو أن يشترطوا علينا عدم الحكم أو وجوده بحكمهم أو بحكمنا، أولاً يقع شرط، فما كان من شرط وجب الوفاء به، وقد شرط كفار قريش على الشارع أمورًا عظيمة فالتزمها لهم، ووفَّى لهم حتى غدروا، فأما ما لم يكن بشرط وترافعوا إلينا، فالإمام مخير بين الحكم بما أنزل الله أو الصرف.

فصل:

وقد أسلفنا اختلاف العلماء أيضًا في أهل الذمة إذا زنوا هل يرجمون إذا رفعوا إلينا؟ فقال مالك: إذا زنوا أوشربوا، فلا يعرض لهم الإمام إلا أن يظهروا ذلك في ديار المسلمين فيدخلوا عليهم الضرر، فيمنعهم


(١) "الاستذكار" ٢٤/ ١٢ - ١٦.
(٢) "الناسخ والمنسوج" ٢/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>