ثم ساق حديتْ ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِل: لَا نَجدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ. فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، أَلَا إِنَّ الرَّجْمَ حَقَّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أَحْصَنَ إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الحبل أَوْ الاعْتِرَافُ -قَالَ سُفْيَانُ: كَذَا حَفِظْتُ- أَلَا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ.
الشرح:
فيه أحكام:
أحدها: الترافع إلى السلطان الأعلى فيما قد قضى فيه غيره ممن هو دونه إذا لم يوافق الحق.
ثانيها: فسخ كل صلح، ورد كل حكم وقع على خلاف السنة.
ثالثها: أن ما قبضه الذي قضى له بالباطل لا يصلح له ملكه.
رابعها: أن العالم قد يفتي في مصر فيه من هو أعلم منه، ألا ترى أنه سأل والشارع بين أظهرهم، وكذلك كان الصحابة يفتون في زمنه.
خامسها: في سؤاله أهل العلم، ورجوعه إلى الشارع دليل على أنه يجوز للرجل أن لا يقتصر على قول واحد من العلماء.
سادسها: جواز قول الخصم للإمام العدل: اقض بيننا بالحق. حيث قال: اقض بيننا بكتاب الله. وقد علم أنه لا يقضي إلا بما أمره الله، ولم ينكر ذلك عليه، وقال الملكان لداود - عليه السلام -: {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ}[ص: ٢٢] وذلك إذا لم يرد السائل التعريض.