للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (وكان أفقههما) يعني -والله أعلم- لاستئذانه - عليه السلام - في الكلام وترك صاحبه لذلك تأكيدًا.

واختلف العلماء في تأويل ذلك، فقال بعضهم: الرجم في قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآية [النور: ٨]، فالعذاب الذي تدرؤه الزوجة عن نفسها باللعان هو الذي يجب عليها بالبينة أو بالإقرار [أو] (١) بالنكول عن اللعان، وقد بين الشارع آية الرجم في الثيب برجم ماعز وغيره.

وقال آخرون: الرجم مما نُسخ من القرآن خطه وثبت حكمه.

وقال آخرون: معنى قوله: "لأقضين بينكما بكتاب الله" أي: بحكم الله وبفرضه، وهذا سائغ في اللغة، قال الله تعالى: {كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤] أي: حكمه فيكم وقضاؤه عليكم، ومنه قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١)} [الطور: ٤١] أي: يقضون، وكذلك قوله {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤] وكل ما قضى به الشارع فهو حكم الله.

وفيه: أنه - عليه السلام - لم يجعلهما قاذفين حين أخبراه، وليس في الحديث أنه سأل (ابن) (٢) الرجل هل زنى وهل صدقا عليه أم لا؟، ولكن من مفهوم الحديث أنه أقر؛ لأنه لا يجوز أن يقام الحد إلا بالإقرار أو بالبينة، ولم يكن عليهما بينة لقوله: "فإن اعترفت فارجمها".

وفيه: النفي والتغريب للبكر الزاني، خلافًا لأبي حنيفة (٣) في إسقاط النفي عنه، وسيأتي أقوالهم فيه في مواضعه.


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) من (ص ١).
(٣) "المحيط البرهاني" ٦/ ٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>