للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢] وقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦] وفيها أمن أهل الذمة، واستقر الأمر في مشركي العرب بعد الأربعة أشهر على الدخول في الإسلام وإعطاء الجزية أو القتال، فكان هذا ناسخًا لما مضى قبله فلا دية الآن لمسلم يقتل في دار الحرب إذا كان في جملتهم إذ لا ميثاق.

ألا تراه قال: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} وقال مالك في: "كتاب محمد" و"المستخرجة" في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ} لم يذكر فيه دية لمؤمن أسلم ولم يهاجر من مكة فلا دية له إذا قتل؛ لقوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢] وروى محمد، عن ابن القاسم في علج دعا إلى المبارزة بين الصفين فبرز إليه رجل، ثم رماه آخر (لم يبارزه فقتله) (١) فديته على الذي رماه؛ لأنه تأول فأخطأ، وليعتق رقبة مؤمنة، وقال أشهب: لا بأس يعينه ولا دية عليه (٢).

وهذِه الآية حجة للمخالفين في أن من أسلم بدار الحرب فلم يخرج إلينا لا دية فيه، فحصل الخلاف في الآية في موضعين: أحدهما: أنه إذا قتل مسلم قاطن بدار الحرب فيه دية. وقال ابن عباس: لا دية له (٣).

وإن قتل بدار الإسلام إذا كان قومه كفارًا وقتله خطأ وداه.

والحاصل ثلاثة أقوال: الدية مطلقًا سواء قتل ببلاد الحرب أو ببلاد الإسلام لا مطلق التفضيل بينهما.


(١) من (ص ١).
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ١٣/ ٤٨٩ - ٤٩٠.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" ٤/ ٢٠٩ (١٠١١٤، ١٠١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>