للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحد منهم قاتل نفس، ومثل هذا لو أن جماعة رفعوا حجرًا لكان كل واحد منهم رافعًا له؛ لأن الحجر لا يتبعض كما أن النفس لا تتبعض.

فإن قلت: إنما يقال لكل واحد منهم: قاتل نفس، كما يقال في الجماعة: أكلنا الرغيف وليس كل واحد منهم أكل الرغيف كله، قيل: إنما كان هذا؛ لأن الرغيف يتبعض، فصح أن يقال لكل واحد: أكل بعض الرغيف، ولما لم يصح التبعيض في النفس لم يصح أن يقال: قاتل بعض نفس.

وقوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] الألف واللام للجنس، فتقديره: الأنفس بالأنفس وكذلك قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: ١٧٨] تقديره: الأحرار بالأحرار، فلا فرق بين جماعة قتلوا واحدًا أو جماعة؛ ولأن كل حق وجب للإنسان على غيره إذا انفرد، فإنه يجب عليه وإن شورك فيه، أصله حد القذف، وهو إجماع الصحابة.

فصل:

وأما القود من اللطمة وشبهها كضربة السوط والدرة، فقد ذكر البخاري ما أسلفناه عن عثمان وخالد بن الوليد مثل ذلك، وهو قول الشعبي وجماعة من أهل الحديث.

وقال الليث: إن كانت اللطمة في العين فلا قصاص فيها؛ للخوف على العين، ويعاقبه السلطان، وإن كانت على الخد ففيها القود.

وقالت طائفة: لا قصاص في اللطمة، روي هذا عن الحسن وقتادة، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي (١)، وعبارة ابن التين أنه مشهور مذهب مالك.


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٥/ ١٢٦، و"الإشراف" ٣/ ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>