للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيها قول ثان روي عن عبد الله بن الزبير ومعاذ: أن لولي المقتول أن يقتل واحدًا من الجماعة ويأخذ بقية الدية من الباقين، مثل أن يقتله عشرة أنفس فله أن يقتل واحدًا (منهم) (١) ويأخذ من التسعة تسعة أعشار الدية، وبه قال ابن سيرين والزهري (٢).

وفيها قول ثالث قاله أهل الظاهر: أنه لا قود على أحد منهم أصلاً، وعليهم الدية، وقاله ربيعة أيضًا، وهو خلاف ما أجمعت عليه الصحابة، حجة الجماعة قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: ٣٣] فلا فرق بين أن يكون القاتل واحدًا أو جماعة لوقوع اسم القتلة عليهم؛ لأن الله جعل الحجة لولي المقتول عليهم، وعلى مثله يدل حديث عائشة - رضي الله عنها - في اللدود الذي ساقه البخاري في الباب، حيث أمر أن يلدَّ كل من في البيت لشهودهم

اللدود الذي نهاهم عنه وما كان من الألم واشتراكهم في ذلك، وهو حجة في قصاص الواحد من الجماعة، ولو لم تقتل الجماعة للواحد لأدى ذلك إلى رفع المثلة في القصاص الذي جعله الله حياة، ولم يشأ أحد أن يقتل أحدًا ثم لا يقتل به إلا ادعى من يقتله معه ليسقط عنه القتل، وأيضًا فإن النفس لا تتبعض بالإتلاف بدليل أنه لا يقال: قاتل بعض نفس؛ لأن كل واحد (قد) (٣) حصل من جهته بعمل ما يتعلق به خروج الروح عنده، وهذا لا يتبعض لامتناع أن يكون بعض الروح خرج [بفعل] (٤) أحدهم وبعضها بفعل الباقين، فكان كل


(١) من (ص ١).
(٢) انظر: "الإشراف" ٣/ ٦٩.
(٣) من (ص ١).
(٤) زيادة ليست في الأصول يقتضيها السياق، وهي في "شرح ابن بطال" ٨/ ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>