للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المجمع عليها أنه لا يعطى أحد بدعواه شيئًا. وعند مالك والليث أن القسامة تجب باللوث، أو بقول المقتول: دمي عند فلان (١).

وقد سلف بيان هذِه المسألة قريبًا في باب: إذا قتل بحجر أو بعصى. وقوم أوجبوها، والدية بوجود القتل فقط واستغنوا عن مراعاة قول المقتول.

وعن الشافعي، وهو قول الثوري والكوفيين: ولا قسامة عندهم إلا في القتيل يوجد في المحلة خاصة، قالوا: فإذا وجد في محلة قوم وبه أثر من جراحة أو ضرب أو خنق، حلف أهل الموضع أنهم لم يقتلوه، ويكون عقله عليهم، وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شيء (٢). وكذا لو كان الدم يجري من أنفه أو دبره فليس قتيلاً، (فإن جرح من أذنه أو عينه فهو قتيل) (٣)، وهذا لا سلف لهم فيه. وحديث يحيى بن سعيد عن بشير بخلاف قولهم؛ لأنه - عليه السلام - لم يحكم على اليهود بالدية بنفس وجود القتيل في محلتهم، ولم يطالبهم بها، بل أداها من عنده. ولو وجبت على أهل المحلة لأوجبها على اليهود. وأما اشتراطهم أن يكون به أثر فليس بشيء؛ لأنه قد يقتل بما لا أثر به.

قال ابن المنذر: والعجب من الكوفيين أنهم ألزموا العاقلة مالاً بغير بينة تثبت عندهم ولا إقرار منهم، بل ثَم أعجب من ذلك إلزامهم العاقلة جناية عمد ولا تثبت ببينة ولا إقرار؛ لأن الدعوى التي ادعاها المدعي لو ثبتت ببينة لم يلزم ذلك العاقلة، فكيف يجوز أن يلزموه بغير بينة؟ والخطأ محيط بهذا القول من كل وجه.


(١) انظر المصدر السابق ٣/ ١٤٨.
(٢) انظر: المصدر السابق ٣/ ١٥٠ - ١٥١
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>