للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث الباب دال على جواز أستخدام الأحرار وأولاد الجيران فيما لا كثير مشقة عليه فيه، وفيما لا يخاف عليهم منه التلف.

كاستخدام الشارع أنسًا وهو صغير فيما أطاقه وقوي عليه. واشتراط أم سلمة ألا يرسل إليها حرًّا؛ فلأن الجمهور قائلون بأن من استعان صبيًّا حرًّا لم يبلغ، أو عبدًا بغير إذن مواليه فهلكا في ذلك العمل، فهو ضامن لقيمة العبد ولدية الصبي الحر على عاقلته.

ولا شك أن أم سلمة أم لنا، فمالنا كمالها، وعبيدنا كعبيدها.

وقال الداودي: يحتمل فعل أم سلمة؛ لأنها أمهم. وعلى هذا لا يفترق أن تفرق بين حر وعبد، ولو حمل الصبي على دابة يستقيها أويمسكها فوطئت الدابة رجلاً فقتلته. فقال مالك في "المدونة": الدية على عاقلة الصبي ولا ترجع على عاقلة الرجل (١)، وهو قول الثوري.

فإن استعان حرًّا بالغًا متطوعًا أو بإجارة، فأصابه شيء، فلا ضمان عليه عند جميعهم. إن كان ذلك العمل لا غرر فيه، وإنما يضمن من جنى أو تعدى.

واختلف إذا استعمل عبدًا بالغًا في شيء فعطب. فقال ابن القاسم: إن أستعمل عبدًا في بئر يحفرها ولم يؤذن له في الإجارة، فهو ضامن إن عطب. وكذلك إن بعثه بكتاب إلى سفر (٢).

وروى ابن وهب عن مالك: سواء أذن له سيده في الإجارة أم لا، لا ضمان عليه، فيما أصابه إلا أن يستعمله في غرر كثير؛ لأنه لم يؤذن له


(١) "المدونة" ٤/ ٥٠٥.
(٢) "المدونة" ٤/ ٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>