وقد ثبت أن الكافر يدخل النار لا محالة، فلا يجوز أن يقال فيه مثل هذا، فعلمنا أنه - عليه السلام - قصد من تركها متكاسلًا لا جاحدًا، ولا حجة لأحمد في إبائة إبليس من السجود وصار بذلك كافرًا؛ لأنه عاند الله واستكبر ورد عليه أمره مجاهرًا بالمعصية لله، فهو أشد من الجاحد أو مثله؛ لأنه جحدها واستيقنتها نفسه.
فرع:
روى ابن القاسم عن مالك: من قال لا أحج فلا يجبر على ذلك، وليس كمن قال لا أتوضأ ولا أصلي ولا أصوم رمضان، فإن هذا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، كقوله: لا أصلي (١).
والفرق بين الحج وسائر الفرائض أن الحج لا يتعلق وجوبه بوقت معين، وإنما هو على التراخي والإمهال إلى الاستطاعة، وذلك موكول إلى دين المسلم وأمانته، ولو لزم فيه الفور لقيده الله بوقت كما قيد الصلاة والصيام بأوقات.
ومما يدل على أن الحج ليس على الفور، وغير لازم في الفروض المؤقتة، ألا ترى أن المصلي لا تلزمه الصلاة عند الزوال، وهو في سعة عن الفور إلى أن يفيء الفيء ذراعًا وإلى أن يدرك ركعة من آخر وقتها، ولم يكن بتأخيرها عن أول وقتها مضيعًا، كذلك فيما لم يوقت له وقت أولى بالإمهال والتراخي.
فصل:
سلف في الزكاة وجه استرقاق الصديق لورثتهم وسبيهم، وحكم عمر - رضي الله عنه - برد سبيهم إلى عشائرهم ومذاهب العلماء في ذلك.