للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سلف الكلام عليه (في السلام) (١) مع الكلام على السام، والمقصود هنا ما عقد له البخاري الباب وهي مسألة السباب.

وقد اختلف العلماء فيمن سبه، فروى ابن القاسم عن مالك أن من سبه من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم (٢)، وأما المسلم فيقتل بغير استتابة (٣)، وهو قول الليث وأحمد وإسحاق، وحكاه ابن المنذر عن الشافعي (٤)، وروى الوليد بن مسلم عن الأوزاعي ومالك فيمن سبه قالا: هي ردة يستتاب منها، فإن تاب نكل، وإن لم يتب قتل (٥).

وقال الكوفيون: من سبه أو عابه فإن كان ذميًّا عزر ولم يقتل، وهو قول الثوري، وقال أبو حنيفة: إن كان مسلمًا صار مرتدًّا بذلك (٦)، واحتج الكوفيون بما ذكر البخاري في الباب.

قال الطحاوي: وقول اليهودي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السام عليك، لو كان مثل هذا الدعاء من مسلم لصار به مرتدًّا يقتل، ولم يقتله الشارع بذلك (٧)؛ لأن ما هم عليه من الشرك أعظم من سبه، وحجة من رأى القتل على الذمي بسبه أنه قد نقض العهد الذي حقن دمه إذ لم يعاهده على سبه، فلما تعدى عهده إلى حال كفره يقتل إلا أن يسلم؛ لأن القتل إنما كان وجب عليه من أجل نقضه العهد الذي هو من حقوق الله تعالى، فإن أسلم ارتفع المعنى الذي من أجله وجب قتله.


(١) من (ص ١).
(٢) "النوادر والزيادات" ١٤/ ٥٢٥.
(٣) المصدر السابق ١٤/ ٥٢٦.
(٤) "الإشراف" ٣/ ١٦٠، "روضة الطالبين" ١٠/ ٦٤.
(٥) "النوادر والزيادات" ١٤/ ٥٢٦.
(٦) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٥٠٥.
(٧) المصدر السابق ٣/ ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>