للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن سحنون: وقولهم إن من دينهم سبه يقال لهم: وكذا من دينهم قتلنا وأخذ أموالنا، فلو قتل واحدًا منا قتلناه؛ لأنا لم نعطهم العهد على ذلك، فكذا سبه إذا أظهره فإن قيل: فهو إذا أسلم بعد سبه تركتموه، وإذا أسلم وقد قتل مسلمًا قتلتموه. قيل: لأن هذا من حقوق العباد لا يزول بإسلامه، وذلك من حقوق الله تعالى يزول بالتوبة من دينه إلى ديننا (١).

قلت: الآخر حق آدمي أيضًا، وحجة أخرى: وهو أنه - عليه السلام - قال: "من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ " (٢) وقتله محمد بن مسلمة. والسب من أعظم الأذى وكذلك قتل - عليه السلام - ابن خطل يوم الفتح والقينتين كانتا تغنيان بسبه ولم تنفع ابن خطل استعاذته بالكعبة.

وقال محمد بن سحنون: وفرقنا بين من سبه من المسلمين وبين من سبه من الكفار فقتلنا المسلم ولم تقبل توبته؛ لأنه لم ينتقل من في دينه إلى غيره، إنما فعل شيئًا حده عندنا القتل ولا عفو فيه لأحد، فكان كالزنديق الذي لا تقبل توبته؛ لأنه لم ينتقل من ظاهر إلى ظاهر، والكتابي كان على الكفر، فلما انتقل إلى الإسلام بعد أن سب غفر له ما قد سلف، كما قال تعالى (٣): {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] وقياس الكوفيين أن المسلم إذا سبه على المرتد خطأ؛ لأن المرتد كان مظهرًا لدينه فتصح استتابته، والمسلم لا يجوز له إظهار سبه، وإنما يكون مستترًا به، فكيف تصح له توبة.


(١) انظر: "النوادر الزيادات" ١٤/ ٥٢٨.
(٢) سلف برقم (٢٥١٠)، ورواه مسلم (١٨٠١).
(٣) "النوادر والزيادات" ١٤/ ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>