للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر ابن المنذر، عن الشافعي أنه لا يستتاب القدري وذم الكلام ذمًّا (شديدًا) (١)، وقال؛ لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء (٢). وقال عبد الرحمن بن مهدي: لا أعرض أحدًا من أهل الأهواء على السيف إلا الجهمية؛ فإنهم يقولون قولًا منكرًا.

وسئل سحنون عن قول مالك في أهل الأهواء لا يصلى عليهم، فقال: لا أرى ذلك ويصلى عليهم (٣). ومن قال لا يصلى عليهم كفَّرهم بذنوبهم، وإنما قاله مالك أدبًا لهم، قيل له: فيستتابون، فإن تاب وإلا قتل له كما قال مالك، قال: أما من كان بين أظهرنا فلا يقتل، وإنما يضرب مرة بعد أخرى ويحبس وينهى الناس عن مجالسته والسلام عليه تأديبًا له كما فعل عمر - رضي الله عنه - بصبيغ، حكي عنه بعد أدبه، ونهى الناس عنه (٤)، فقد مضت السنة فيمن لم يتب من عمر ومضت فيمن تاب من أبي بكر، قيل له: فهؤلاء الذين نصبوا الحرب وماتوا عن الجماعة وقتلهم الإمام هل يصلى عليهم؟ قال: نعم، وهم من المسلمين، وليس بذنوبهم التي استوجبوا بها القتل ترك الصلاة عليهم، ألا ترى أن المحصن الزاني والمحارب والقاتل عمدًا قد وجمب عليهم القتل ولا تترك الصلاة عليهم، قيل له: فما تقول في الصلاة خلف أهل البدع؟ قال: لا تعاد في وقت ولا بعده، وبذلك يقول أصحاب مالك أشهب والمغيرة وغيرهما، وإنما يعيد من صلى


(١) من (ص ١).
(٢) "الإشراف" ٣/ ١٦٩.
(٣) "النوادر والزيادات" ١٤/ ٥٤٠ - ٥٤١.
(٤) "النوادر والزيادات" ١٤/ ٥٤٠، ٥٤١، ١/ ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>