للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

لا يحل هذا النكاح للزوج الذي أقام شاهدي زور على رضا المرأة أنه تزوجها عند أحد من العلماء، وليس حكم القاضي بما ظهر له من عدالة الشاهدين في الظاهر مُحِلًّا ما حرم الله؛ لقوله - عليه السلام -: "فإنما أقطع له قطعة من النار" (١) ولتحريم الله أكل أموال الناس بالباطل، ولا فرق بين أكل المال الحرام ووطء الفرج الحرام في الإثم.

قال المهلب: واحتيال أبي حنيفة ساقط؛ لأمر الشارع بالاستئذان والاستئمار عند النكاح، ورد نكاح من تزوجت كارهة في حديث خنساء، وقد قال تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢]، فاشتراط الله رضاها في النكاح يوجب أنه متى عدم هذا الشرط فيه لم يحل، وإنما قاس أبو حنيفة مسائل هذا الباب على القاضي إذا حكم بطلاقها بشاهدي زور وهو لا يعلم. أنه يجوز أن يتزوجها من لا يعلم بطلان هذا (الطلاق) (٢)، ولا تحرم عليه بالإجماع فكذا يجوز أن يتزوجها من عَلِمَ ولا تحرم عليه.

وهذا خطأ في القياس، وإنما حل تزويجها لمن لا يعلم باطن أمرها؛ لأنه جهل ما دخل فيه، وأما الزوج الذي أقام شاهدي الزور فهو عالم بالتحريم متعمد لركوب الإثم فكيف يقاس من جهل شيئًا فأتاه بعذر يجهله على من تعمده وأقدم عليه وهو عالم باطنه.

ولا خلاف بين العلماء أنه من أقدم على ما لا يحل له فقد أقدم على الحرام البين الذي قاله فيه الشارع: "الحلال بين والحرام بين


(١) سلف قريبًا في الباب قبله برقم (٦٩٧٦).
(٢) في الأصل: (النكاح)، والمثبت من ابن بطال، وهو الملائم للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>