للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبينهما أمور مشتبهات" (١)، وليس للشبهة فيه موضع ولا خلاف بين الأمة أن رجلاً لو أقام شاهدي زور على ابنته أنها أمته، وحكم الحاكم بذلك لا يجوز له وطؤها، فكذلك الذي شهد على نكاحها، هما في التحريم سواء، والمسألة التي في آخر الباب لا يقول بها أحد، وهي خطأ كالمسألتين المتقدمتين (٢).

ولا خلاف في الأموال أن الحاكم إذا حكم بها هو في الباطن على خلاف ما حكم به، لم ينقل حكمه في الباطن، وإنما ذلك عند أبي حنيفة في الطلاق والنكاح والنسب فإن شهدوا في أمة رجل أنها ابنة آخر، وحكم بذلك، ثبت النسب وحرمت عليه وورثت.

وذكر في "المعونة" عن أبي حنيفة: إذا شهدوا بزور على الطلاق تفسير المرأة مطلقة بحكم الحاكم، ويجوز لها أن تتزوج، ولا يجوز لأحد شاهدي الزور أن يتزوجها، وهو عند مالك زانٍ؛ لعلمه أنه لم يطلق، وذكر مسألة النكاح المتقدمة، وزاد عنه: إذا شهد له شاهد الزور على ذات محرم أنها زوجته أن الحكم لا ينفذ في الباطن ولا تكون زوجته، وكذلك إذا أقدم شاهدا زور في دعوى قال: فيحكم الحاكم له، فإنه لا ينفذ، وفرقوا بين الموضعين فإن كل موضع جاز أن يكون للحاكم ولاية في ابتداء فعله، نفذ حكمه فيه ظاهرًا وباطنًا، وكل موضع لا ولاية له في ابتداء فعله لم ينفذ ظاهرًا دون الباطن، كان للحاكم ولاية في عقد النكاح، وفي أن يطلق على غيره، ولا ولاية له في تزويج ذوات المحارم، ولا في نقل الأموال، فكذلك لو أدعى رجل أنه قتل وليًّا له، وأقام شاهدي زور فحكم


(١) سلف برقم (٥٢) كتاب الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٢٣ - ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>