للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتمثل في صورته؛ لئلا يتسور بالكذب على لسانه في النوم، والرؤيا جزء من أجزاء الوحي وكذا قال القاضي عياض عن بعض العلماء أنه قال: خص الله نبيه بأن رؤية الناس إياه صحيحة على -ما ذكرناه إلى قوله: في النوم- وكذلك استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل، ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا المتصور، فحماه الله من الشيطان ونزغه وكيده، وكذا حمى رؤياه لأنفسهم.

واتفق العلماء على جواز رؤية البارئ تعالى في المنام وصحتها، ولو رآه إنسان على صفة لا تليق بجلاله من صفات الأجسام؛ لأن (ذلك) (١) المرئي غير ذات الله تعالى، ولا يجوز عليه التجسيم، ولا اختلاف الأحوال، بخلاف رؤية سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

فإن قلت: فإن الشيطان قد تسور عليه في اليقظة، وألقى في أمنيته - عليه السلام -، قيل: ذلك التسور لم يستقم، بل تلافاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- في الوقت بالنسخ وأحكم آياته، وكانت فائدة تسوره إبقاء دليل التنزيه عليه؛ لئلا يغلو مغلون فيه فيعبدونه من دون الله كما فعل بعيسى وعزير.

فإن قلت: كيف منع الشيطان أن يتمثل في صورته - عليه السلام - في المنام، وأطلق له أن يتمثل ويدعي أنه البارئ تعالى، والصور لا تجوز على البارئ؟

قيل: سره أنه إنما منع أن يتصور في صورته - عليه السلام - الذي هو صورته في الحقيقة دلالة للعلم وعلامة على صحة الرؤية من ضعفها، وأطلق له أن


(١) كذا بالأصل، وفي "إكمال المعلم" (ذات).
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٢١٩ - ٢٢٠ بتصرف. وذلك في شرح حديث (٢٢٦٦) كتاب: الرؤيا، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رآني في المنام فقد رآني".

<<  <  ج: ص:  >  >>