للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها ما يضاف إلى الستة الأشهر، فيتغير الحساب وتفسد النسبة، ولا وجه عندي لاعتراضه بما كان من المنامات خلال زمن الوحي؛ لأن الأشياء توصف بما يغلب عليها، وتنسب إلى الأكثر منها، فلما كانت الستة الأشهر محضة في المنامات، والثلاث وعشرون سنة جلها وحي، وإنما فيها منامات شيء يسير بغير عد، أوجب أن يطرح الأقل في حكم [النسبة والحساب] (١)، وقد سلف أن أمد الرؤيا لم يثبت أنه كان ستة أشهر فكيف حكمت بعدمه ولم يتضح ثبوته؟

قال المازري: ويحتمل عندي أن يراد بالحديث وجه آخر، وهو أن (يريد) (٢) المنامات الخبر بالغيب لا أكثر، وإن كان يتبع ذلك إنذارًا وتبشيرًا، والإخبار أحد ثمرات النبوة، واحد فوائدها، وهو في جنب فوائد النبوة والمقصود بها يسير؛ لأنه يصح أن يبعث نبي يشرع الشرائع (ويبين) (٣) الأحكام ولا يخبر بغيب أبدًا، ولا يكون ذلك قادحًا في نبوته، ولا مبطلاً للمقصود منها، وهذا الجزء من النبوة هو الإخبار بالغيب إذا وقع، فلا يكون إلا صدقًا، ولا يقع إلا حقًّا، والرؤيا ربما دلت على شيء ولم يقع ما دلت عليه، إما لكونها من الشيطان، أو من حديث النفس، أو من غلط العابر في أصل العبارة، إلى غير ذلك من الضروب الكثيرة التي توجب عدم الثقة بدلالة المنام، فقد صار الخبر بالغيب أحد ثمرات (النبوة، وهو غير مقصود فيها، ولكنه لا يقع إلا حقًّا، وثمرة) (٤) المنام الإخبار بالغيب، ولكنه


(١) ساقطة من الأصول، وأثبتناها من "المعلم".
(٢) كذا صورتها في الأصل، وفي "المعلم" ٢/ ٢٩٤: (ثمرة).
(٣) في (ص ١): ويسن.
(٤) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>