صدق رؤيا الفتيين حجة على من زعم أن الكافر لا يرى رؤيا صادقة، فإن قلت: فإذا صدقت رؤياه فماذا ميز به المسلم عليه في رؤياه. وما معنى خصوصتيه - عليه السلام - المؤمن بالرؤيا الصالحة في قوله:"يراها الرجل الصالح أو ترى له" فالجواب: أن لمنام المؤمن مزية على منام الكافر في الإنباء والإعلام والفضل والإكرام، وذلك أن المؤمن يجوز أن يبشر على إحسانه، وينبَأ بقبول أعماله ويحذر من ذنب عمله ويردع عن سوء قد أمله، وجواز أن يبشر بنعيم الدنيا وينبَأ ببؤسها، والكافر وإن جاز أن يحذر ويتوعد على كفره، فليس عنده ما عند المؤمن من الأعمال الموجبة لثواب الآخرة، وكل ما بشر به الكافر من حاله وغبط به من أعماله فذلك غرور من عدوه، ولطف من مكائده فنقص لذلك حظه من الرؤيا الصادقة عن حظ المؤمن؛ لأن الشارع حين قال:"رؤيا المؤمن" و"رؤيا الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" لم يذكر في ذلك كافرًا ولا مبتدعًا فأخرجنا لذلك ما يراه الكافر من هذا التقدير والتجريد لما في الأخبار من صريح الشرط لرؤيا المؤمن، وأدخلنا ما يراه الكافر من صالح الرؤيا في خبره المطلق "الرؤيا من الله" إذ لم يشترط فيه مؤمنًا ولا غيره فقلنا لذلك: ما صدق من منامات الكفار فهي من الله، ولم يقل كذا ولا كذا من النبوة سِيَّما أن الأشعري وابن الطيب يريان أن جميع ما يرى في المنام من حق أو باطل خلق الله، فما كان منه صادقًا خلقه بحضور الملك، وإلا فبحضور الشيطان فيضاف بذلك إليه، فإن قلت: يجوز أن يسمى ما يراه الكافر صالحًا قيل: (نعم)(١) وبشارة أيضًا كانت الرؤيا له