للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو لغيره من المؤمنين؛ لقوله - عليه السلام -: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له" فاحتمل هذا الكلام أن يراها الكافر لغيره من المؤمنين وهو صالح للمؤمنين، كما أن ما يراه الكافر بما يدل على هدايته وإيمانه فهو صالح له في عاقبته، وذلك حجة من الله عليه وزجر له في منامه، وقد أسلفنا أول الإيمان في حديث عائشة - رضي الله عنها -: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، أنها الصادقة؛ لأنها صالح ما يرى في المنام من الأضغاث وأباطيل الأحلام، وكما أنبأ الله الكفار في اليقظة بالرسل وبالمؤمنين من عباده -دون المشركين من أعدائه- قامت الحجة على المشركين بذلك إلى يوم القيامة، ولذلك يجوز إنباؤهم في المنام مما يكون حجة عليهم أيضًا.

فصل:

("ثم أتاني الداعي"). يعني: رسول الملك ولكن أراد ليقوم له العذر وهو من تواضعه؛ لئلا يغلى في مدحه قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح، وقولوا: عبد الله ورسوله" (١) ثم لم يمنعه هذا من ذكر ما خص به من السيادة، لقوله: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" (٢)، لكن في حكم الأدب إذا ذكر الأنبياء والرسل أن يتواضع، وفيه الترفيع لشأن يوسف؛ لأنه حين دعي للإطلاق من السجن قال: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ} [يوسف: ٥٥]. ولم يرد الخروج منه إلا بعد أن تقر امرأة العزيز على نفسها أنها راودته عن نفسه، فأقرت وصدقته، وقالت: {أَنَا رَاوَدْتُهُ} الآية [يوسف: ٥١]، فخرج حينئذٍ. قال ابن قتيبة:


(١) سلف برقم (٣٤٤٥).
(٢) رواه الترمذي (٣١٤٨)، وابن ماجه (٤٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>