للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوصفه بالأناة والصبر وأنه لم يخرج حين دعي، وقال: "لو كنت مكانه ثم دعيت إلى ما دعي إليه من الخروج من السجن لأجبت ولم ألبث" وهذا من حسن تواضعه؛ لأنه لو كان مكان يوسف فبادر وخرج لم يكن عليه نقص أو على يوسف لو خرج مع الرسول من السجن نقص، ولا أثر، إنما أراد أن يوسف لم يكن يستثقل محنة الله فيبادره ويتعجل ولكنه كان صابرًا محتسبًا.

فصل:

في هذا الحديث زيادة ذكرها في كتاب الأنبياء: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} ورحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن .. " .. الحديث (١).

قال ابن قتيبة: وقوله: "ونحن أحق بالشك من إبراهيم" فإنه لما نزل عليه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} الآية [البقرة: ٢٦٠] قال قوم سمعوا الآية: شك إبراهيم ولم يشك نبينا. فقال - عليه السلام - تواضعًا وتقديمًا لإبراهيم على نفسه يريد: إنا لم نشك ونحن دونه فكيف يشك هو؟! ومثل هذا من تواضعه قوله: "لا تفضلوني على يونس" (٢). فخص يونس بن متى، وليس كغيره من أولي العزم من الرسل، فإذا كان لا يجب أن يفضل على يونس، فكيف بغيره من الأنبياء الذين فوقه في الدرجة كإبراهيم وموسى وعيسى؟! أحرى ألا يفضل عليهم.


(١) انظر ما سلف برقم (٣٣٧٢).
(٢) سلف برقم (٣٤١٦، ٤٦٣١)، ورواه مسلم (٢٣٧٦) من حديث أبي هريرة، وسلف برقم (٣٣٩٥)، ورواه مسلم (٢٣٧٧) من حديث ابن عباس بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>